فوجئنا بابني يدخل علينا ومعه رجل يرتدي بدلة داكنة وطلب بسرعة أن نحضر أخته أنيسة... حضرت أنيسة ووقفت وسط الصالة فقام الرجل ذو البدلة الداكنة يدور حولها ويتفحَّصها، ثم يخلع نظارته ويدقق فيها من الأمام ومن الخلف وينظر إلي وجهها ثم جلس ووضع ساقاً فوق الأخري وقال:
- «يعني موش بطاَّله»... كدت أفتك بالولد إلا أنه أشار علي الرجل وقال:
- «الأستاذ فرغلي موش غريب»... قالت زوجتي:
- «قطيعة إنت والأستاذ فرغلي»... لكن الرجل قال بهدوء:
- «ربنا يقدم اللي فيه الخير».. وقال ابني موضحاً الأمر:
- «تعلمون أنني منذ تخرجت أتوجه يومياً إلي صندوق التنمية لإقراض الشباب في شارع القصر العيني»... قلنا نعم، فأكمل الولد:
- «طلبت قرضاً لعمل مشروع إنتاج ملابس أطفال وبعد أن ملأت النماذج وقدمت المستندات ومعهم دراسة الجدوي رفضوا الطلب بحجة أن الأطفال يحتاجون إلي كباري وليس ملابس... فتقدمت بفكرة مشروع آخر لإنتاج الزجاج ورفضوا ومشروع للطباعة ومشروع لإنتاج الحقن البلاستيك وكلهم رفضوهم»... قلنا:
- «وبعدين؟»... قال الولد:
- «وأخيراً تقدمت بمشروع ودراسة جدوي قبلوهم ووافقوا عليهم وهو أن تعمل أختي «أنيسة» رقاصه ليضمنوا نقودهم»! قامت أمه لتهجم عليه لكنني منعتها وسألته:
- «ومين الأستاذ فرغلي ده؟ صاحب الكباريه؟»... رد الولد:
- «لا يا بابا ده موظف من الصندوق جاي معايا كرئيس للجنة الفحص والمعاينة»... أمرت «أنيسة» أن تدخل إلي حجرتها لكن الرجل منعها وقال:
- «لأ دي مكتوب بيها محضر ومتقدم عنها مستندات وأنا مضطر أشمَّعها بالشمع الأحمر»... صرخت زوجتي في وجهه:
- «شمع أحمر إيه يا مجنون؟! ملعون أبوك وأبو الصندوق»... قال ابني وهو يبكي:
- «من فضلك يا ماما بلاش تشتمي الصندوق ده باباه صندوق الأجيال».